5 شوال وصول السفیر مسلم بن عقیل (علیه السلام) الی الکوفة |
مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) (1 اسمه وكنيته ونسبه السيّد أبو عبد الله ، مسلم بن عقيل بن أبي طالب ولادته ولد مسلم عام 22 هـ بالمدينة المنوّرة أُمّه السيّدة علية ، وهي جارية زوجته السيّدة رقية بنت الإمام علي ( عليه السلام) مكانته كان مسلم ( عليه السلام ) من أجِلَّة بني هاشم ، وكان عاقلاً عالماً شجاعاً ، وكان الإمام الحسين ( عليه السلام ) يلقّبه بثقتي ، وهو ما أشار إليه في رسالته إلى أهل الكوفة ولشجاعته اختاره عمُّه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حرب صفّين ، ووضعه على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين ( عليهما السلام)
إخبار النبي ( صلى الله عليه وآله ) بقتله قال الإمام علي ( عليه السلام ) لرسول الله ( صلى الله عليه وآله) ؟ ( يا رسول الله إنّك لتحبّ عقيلاً ) قال أي والله إنّي لأحبّه حُبَّين ، حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي طالب له ، وإن ولده مقتول – ويقصد بذلك مسلم – في محبّة ولدك ، فتدمع عليه عيون المؤمنين ، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون ثمّ بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتّى جرت دموعه على صدره ، ثمّ قال (2) ( إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي ) خروجه إلى الكوفة ارتأى الإمام الحسين ( عليه السلام ) أن يُرسل مندوباً عنه إلى الكوفة يهيّأ له الأجواء ، وينقل له واقع الأحداث ، ليستطيع أن يقرّر الموقف المناسب ، ولابدّ لهذا السفير من صفات تؤهلّه لهذه السفارة ، فوقع الاختيار على مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) ، لما كان يتّصف به من الحكمة والشجاعة والإخلاص خرج مسلم ( عليه السلام ) من المدينة المنوّرة متوّجهاً إلى الكوفة في الخامس عشر من شهر رمضان 60 هـ ، ويصحبه قيس بن مسهر مع دليلان يدلاّنه الطريق حمله لرسالة الإمام الحسين ( عليه السلام ) لأهل الكوفة خرج مسلم ( عليه السلام ) من المدينة حاملاً رسالة الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى أهل الكوفة ، جاء فيها بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين ، أمّا بعد : فإنّ فلاناً وفلاناً قدما عليّ بكتبكم ، وكانا آخر رسلكم ، وفهمت مقالة جلّكم : أنّه ليس علينا إمام فأقبل ، لعلّ الله يجمعنا بك على الحق ، وإنّي باعث إليكم أخي ، وابن عمّي ، وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل ، فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم ، وقرأته في كتبكم ، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله تعالى ) (3) وصوله إلى الكوفة وصل مسلم ( عليه السلام ) الكوفة ، في الخامس من شوال 60 هـ ، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، وأقبلت الناس تختلف إليه ، فكلّما اجتمع إليه منهم جماعة ، قرأ عليهم كتاب الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وهم يبكون ، وبايعه الناس ، حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً . كتابه إلى الإمام الحسين ( عليه السلام) كتب مسلم ( عليه السلام ) كتاباً من الكوفة إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، جاء فيه أمّا بعد ، فإن الرائد لا يكذب أهله ، وأن جميع أهل الكوفة معك ، وقد بايعني منهم ثمانية عشر ألفاً ، فعجّل الإقبال حين تقرأ كتابي هذا ، والسلام (4) ما كتبه عملاء الحكم الأموي عن تحركه أرسل العملاء إلى يزيد رسائل تخبره عن مجيء مسلم ( عليه السلام ) منها أمّا بعد ، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدِم الكوفة ، وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن أبي طالب ، فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قوياً ، ينفّذ أمرك ، ويعمل مثل عملك في عدوّك ، فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يَتَضَعَّف (5 إرسال ابن زياد إلى الكوفة كتب يزيد بن معاوية رسالة إلى واليه في البصرة ، عبيد الله بن زياد ، يطلب منه أن يذهب إلى الكوفة ، ليسيطر على الوضع فيها ، ويقف أمام مسلم عليه السلام وتحرّكاته ومنذ وصول ابن زياد إلى قصر الإمارة في الكوفة ، أخذ يتهدّد ويتوعّد المعارضين والرافضين لحكومة يزيد خروجه من دار المختار لمّا سمع مسلم ( عليه السلام ) بوصول ابن زياد ، وما توعّد به ، خرج من دار المختار سرّاً إلى دار هاني بن عروة ليستقر بها ، ولكن جواسيس ابن زياد عرفوا بمكانه ، فأمر ابن زياد بإلقاء القبض على هاني بن عروة وسجنه إعلانه الثورة على ابن زياد لمّا بلغ خبر إلقاء القبض على هاني بن عروة إلى مسلم ، أمر ( عليه السلام ) أن ينادى في الناس : ( يا منصور أمت ) ، فاجتمع الناس في مسجد الكوفة فلمّا رأى ابن زياد ذلك ، دعا جماعة من رؤساء القبائل ، وأمرهم أن يسيروا في الكوفة ، ويخذلوا الناس عن مسلم ، ويعلموهم بوصول الجند من الشام فلمّا سمع الناس مقالتهم أخذوا يتفرّقون ، وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها وزوجها وتقول : انصرف الناس يكفونك ، ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول له : غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر ؟! فيذهب به فينصرف ، فما زالوا يتفرّقون حتّى أمسى مسلم وحيداً ، ليس معه أحداً يدلّه على الطريق ، فمضى على وجهه في أزقة الكوفة ، حتّى انتهى إلى باب امرأة يقال لها : طوعة ، وهي على باب دارها تنتظر ولداً لها ، فسلّم عليها وقال : يا أمة الله أسقيني ماء ، فسقته وجلس فقالت : يا عبد الله ، قم فاذهب إلى أهلك ؟ فقال : يا أمة الله ما لي في هذا المصر منزل ، فهل لك في أجر ومعروف ، ولعلّي أكافئك بعد اليوم ؟ فقالت : ومن أنت ؟ قال : أنا مسلم بن عقيل ، فأدخلته إلى دارها مقاتلته لجيش ابن زياد وفي الصباح عرف ابن زياد مكان مسلم ( عليه السلام ) ، فأرسل جماعة لإلقاء القبض عليه ، ولكن مسلم أخذ يقاتلهم قتال الأبطال ، وهو يقول أقسمت لا أقتل إلاّ حرّا * * إنّي رأيت الموت شيئاً نكرا كلّ امرئ يوماً ملاق شرّا * * أخاف أن أكذب أو أغرا حتّى أثخن بالجراحات ، فألقوا عليه القبض ، وأخذوه أسيراً إلى ابن زياد دخوله على ابن زياد أُدخل مسلم ( عليه السلام ) على ابن زياد ، فأخذ ابن زياد يشتمه ويشتم الحسين وعلياً وعقيلاً ، ومسلم ( عليه السلام ) لا يكلّمه ثمّ قال ابن زياد : اصعدوا به فوق القصر واضربوا عنقه ، ثمّ أتبعوه جسده ، فأخذه بكر بن حمران الأحمري ليقتله ، ومسلم يكبّر الله ويستغفره ، ويصلّي على النبي وآله ويقول اللهم احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ثمّ أمر ابن زياد بقتل هاني بن عروة فقتل ، وجرّت جثتا مسلم وهاني بحبلين في الأسواق شهادته استشهد مسلم ( عليه السلام ) في التاسع من ذي الحجّة 60 هـ ، ودفن في الكوفة ، وقبره معروف يزار ما نظمه الشعراء في مظلوميته ـ قال عبد الله بن الزبير الأسدي إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري ** إلى هاني بالسوق وابن عقيل إلى بطل قد هشم السيف وجهه ** وآخر يهوي من طمار قتيل ترى جسداً قد غيّر الموت لونه ** ونضح دم قد سال كلّ مسيل (6 ـ قال السيّد باقر الهندي سقتك دماً يابن عمّ الحسين ** مدامع شيعتك السافحه ولا برحت هاطلات الدموع ** تحييك غادية رائحه لأنّك لم ترو من شربة ** ثناياك فيها غدت طائحه رموك من القصر إذ أوثقوك ** فهل سلمت فيك من جارحه تجرّ بأسواقهم في الحبال ** ألست أميرهم البارحه أتقضي ولم تبكك الباكيات ** أما لك في المصر من نائحه لئن تقض نحباً فكم في زرود ** عليك العشية من صائحه (7 ـــــــــ ـ أُنظر : معجم رجال الحديث 19 / 165 ، أعيان الشيعة 1 / 591 ـ الأمالي للشيخ الصدوق : 191 ـ الإرشاد 2 / 39 ـ مثير الأحزان : 21 ـ الإرشاد 2 / 42 ـ مثير الأحزان : 26 ـ أبصار العين : 87 |